غوتيريش: الفوضى المناخية تطرق أبواب الجميع والدول النامية تدفع الثمن
غوتيريش: الفوضى المناخية تطرق أبواب الجميع والدول النامية تدفع الثمن
حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن الفوضى المناخية تطرق أبواب جميع الدول من باكستان إلى ليبيا إلى القرن الإفريقي، والصين، وكندا، وغيرها من الأماكن في العالم.
وقال غوتيريش، إن الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والحرائق والعواصف والجفاف تعيث فسادا في الأرض، مشيرا إلى أن الدول النامية مثل باكستان تدفع ثمن انبعاثات الكربون رغم أنها أقل الجهات تسببا فيها.
وأوضح الأمين العام، أن "حالة باكستان تمثل اختبارا حقيقيا لقضية العدالة المناخية"، بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة.
تحدث غوتيريش في جلسة إحاطة غير رسمية عقدت الأربعاء تزامنا مع مرور عام على الفيضانات الكارثية التي غمرت ثلث باكستان وتسببت في وفاة حوالي 1,700 شخص ونزوح ثمانية ملايين وتضرر 33 مليونا آخرين.
وعقدت هذه الجلسة عملا بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة في أكتوبر من العام الماضي تضامنا مع باكستان شعبا وحكومة ولتعزيز الإغاثة الطارئة وإعادة الإصلاح والإعمار والوقاية من مثل تلك الكوارث.
تطرق الأمين العام إلى زيارته إلى المناطق المتضررة في باكستان في سبتمبر الماضي، حيث قال: "لن أنسى أبدا المذبحة المرتبطة بالمناخ التي رأيتها.. لقد طُمست الأرواح والمنازل، وسبل العيش، والمدارس والمستشفيات.. ولن أنسى أبدا القصص التي سمعتها، وخاصة من النساء والرجال الذين تركوا منازلهم وممتلكاتهم لإنقاذ جيرانهم من ارتفاع منسوب المياه".
تداعيات تعصف بالباكستانيين
ورغم انحسار جزء كبير من المياه، فإن الاحتياجات لم تنخفض، حيث يفتقر أكثر من ثمانية ملايين شخص في المناطق المتضررة من الفيضانات إلى المياه النظيفة، ويعتمد الملايين على المساعدات الإنسانية.
وقد تضرر أو دمر أكثر من مليوني منزل و30 ألف مدرسة وألفي مرفق صحي، وفقا للأمين العام الذي أشار إلى أن عملية إعادة الإعمار قد بدأت للتو.
وقال الأمين العام إن الفيضانات دمرت الزراعة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل، "وقد دُفِع نحو ثمانية ملايين شخص آخرين إلى براثن الفقر؛ واضطر ملايين آخرون إلى الانتقال بحثا عن عمل".
دعم أممي للشعب الباكستاني
وقال الأمين العام إن الباكستانيين كانوا أول من ساعد بعضهم بعضا، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة وقفت معهم: "خصصنا 10 ملايين دولار من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ لبدء الاستجابة على الفور، ثم أعقب ذلك 6.5 مليون دولار أمريكي أخرى في غضون أسابيع".
وأشار إلى إطلاق خطة للاستجابة للفيضانات، بالتعاون مع حكومة باكستان، للحصول على 816 مليون دولار للمساعدات والحماية الفورية، معلنا أن النداء تلقى تمويلا بنسبة 69 في المائة.
وتطرق الأمين العام إلى المؤتمر الذي استضافته الأمم المتحدة بالاشتراك مع باكستان لمساعدتها على مواجهة تغير المناخ، مبينا أن المؤتمر شهد تعهدات بلغت قيمتها مليارات الدولارات، "لكن الغالبية العظمى منها كانت على شكل قروض".
وشدد على أن باكستان لا تزال تنتظر الكثير من التمويل، ونبّه إلى أن التأخير يقوض جهود الناس لإعادة بناء حياتهم، داعيا الجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية إلى الوفاء بالتزاماتها، ووضع وتوفير الأموال التي وعدت بها في أقرب وقت ممكن.
التزام بالكفاح ضد آثار تغير المناخ
بدوره، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دينيس فرانسيس إن كارثة الفيضانات في باكستان كانت بمثابة تذكير صارخ بالعواقب الكارثية الناجمة عن تغير المناخ.
وحذر من أن تغير المناخ يؤدي إلى ترسيخ أوجه عدم المساواة، داخل الدول وفي ما بينها، حيث إن الفئات السكانية الضعيفة هي أول من يتعرض وبشدة لتداعيات الكوارث.
ودعا الدول الأعضاء ومنظومة الأمم المتحدة إلى الحفاظ على دعمها الثابت لجهود التعافي وإعادة الإعمار في باكستان.
وتطرق رئيس الجمعية العامة إلى كارثتي الزلزال والفيضانات في المغرب وليبيا، مشيرا إلى أن كلا الحدثين المأساويين كانا بمثابة تذكير واقعي بأن تغير المناخ لا يعرف حدودا، وأن وعودنا للبلدان والمجتمعات المتضررة منه يجب أن تظل ثابتة.
وأضاف: "دعونا نقف متحدين، متكاتفين في التزامنا الراسخ تجاه باكستان وفي كفاحنا العالمي ضد الآثار الرهيبة والمتفاقمة لتغير المناخ".
جهود إعادة الإعمار
وتحدث مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، عن جهود إعادة الإعمار الجارية في باكستان، واصفا التقدم الذي تم تحقيقه منذ قرار الجمعية العامة قبل عام بأنه مشجع، مشيرا إلى أن الأموال التي تم جمعها خلال مؤتمر التضامن مع باكستان برهنت على أن العالم يقف مع باكستان.
وقال إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قاد عملية تقييم الاحتياجات ما بعد الكارثة وإطار التعافي وإعادة البناء بالشراكة مع بنك التنمية الآسيوي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وأشار إلى أن البرنامج الأممي أطلق المجموعة الدولية لدعم الشركاء في مارس من هذا العام، "وهي تمثل منصة هامة لحكومة باكستان لتنسيق العمل مع المجتمع الدولي تربط الاستجابة الفورية والتعافي المبكر مع الاستثمارات لبناء القدرة على الصمود متوسطة وطويلة الأجل".
ملايين الأطفال بحاجة للمساعدة
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل إن الفيضانات تركت حوالي 10 ملايين طفل باكستاني في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
وأوضحت أن الأطفال يمثلون نصف عدد المتضررين، وهم لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب، وفقا لمديرة اليونيسيف، التي أضافت أن أكثر من 1.5 مليون طفل بحاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بينما لا يزال 3.5 مليون لا يذهبون إلى المدارس.
وحذرت من صعوبة عودة هؤلاء الأطفال إلى المدرسة كلما طال أمد بقائهم بعيدا عنها.
امتنان باكستاني
من جانبه، تحدث مندوب باكستان الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير منير أكرم، عن جهود إعادة الإعمار في بلاده، معربا عن امتنان باكستان للدعم الذي قدمته الأسرة الدولية في أعقاب كارثة الفيضانات.
وقال إن حكومة محافظة السند -وهي المحافظة الأكثر تضررا من الكارثة- أطلقت بالتعاون مع البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي استراتيجية لإعادة الإعمار متعددة الأوجه تشمل إعادة بناء مليوني منزل، وتقديم المساعدة في مجال إعادة الإعمار، ومشروعا يتعلق بالمياه والزراعة.
وأوضح السفير أكرم أن باكستان هي إحدى البلدان العشرة الأكثر تأثرا وعرضة لتغير المناخ على الرغم من أنها لا تتسبب سوى بمعدل 1 في المئة من غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
تحذير أممي
وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".
ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.
في نهاية يوليو الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الوضع الذي يمر به كوكب الأرض، قائلا: "تغير المناخ هنا مرعب، وهذه فقط البداية.. لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري، لقد حان عصر (الغليان العالمي)".